روائع مختارة | واحة الأسرة | عش الزوجية | الإبتسامة سر الحب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > عش الزوجية > الإبتسامة سر الحب


  الإبتسامة سر الحب
     عدد مرات المشاهدة: 2588        عدد مرات الإرسال: 0


تناهى إلى سمعها بعض ما تتحدث به نسوة في المدينة، هي تعلم أنها لم تؤت حظاً وافراً من الجمال، لكنها تحاول أن تتزين في بيتها ما إستطاعت إلى ذلك سبيلاً، لكنهن يتكلمن، وكلامهن دائماً يجد من ينقله فيؤذي به سمعها ويعكر صفو حياتها، ولا جريرة لها سوى أنها ليست جميلة.

بل هناك ذنب آخر وما هو من اللمم، تتهامس به صويحبات يوسف، إن زوجها وسيم جداً، ورجل أعمال له وزنه في المدينة ولا ينقصه شيء، ومع ذلك فهو يبقي على زواجه منها منذ بضع عشرة سنة، ولا يفكر في الزواج من أخرى، وتنفض إحداهن ثوبها وهي تقول: أستغفر الله ربما عملت له شيئاً! من يدري؟.

كانت هذه الأفكار تراودها وهي تجلس أمام المرآة لتأخذ زينتها فهذا موعد وصول زوجها إلى منزلهما، نظرت إلى المرآة، رأت صور النساء يهزأن بها وبزينتها، تمثلت إحداهن قائلة: ماذا تفعل الماشطة بالوجه العكر؟.

أصابها شيء من الإحباط، لم تعد تقوى على تناول أدواتها، نعم عيناها صغيرتان بل إن إحداهما تبدو لمن يدقق النظر أصغر من الأخرى، وحول عينيها كلف واضح تعجز هذه المستحضرات عن إخفائه، وهناك خنس في أنفها، ذلك بالإضافة إلى أنها سمراء.

عادت تنظر إلى المرآة، لا تزال النسوة هناك يتحدثن ويتضاحكن، لمحت ساعتها وقد إقترب موعد زوجها، قالت تباً لكنَّ، لن تفسدن علي هنائي، إستعادت رباطة جأشها وأخذت تتهيأ للقاء زوجها كأنما تلقاه اليوم للمرة الأولى.

رفع يده ليطرق الباب فإذا بها تفتحه وتستقبله بإبتسامة عذبة، بإدلها الإبتسامة بمثلها وهو يقول شكراً حبيبتي، وأخذا يتضاحكان.

لكن حديث النسوة لا يزال يخطر في قلبها مرة بعد مرة، إنها تعلم أنها في عين زوجها جميلة، أو هي على الأقل ليست قبيحة.. فعين الرضا عن كل عيب كليلة، لقد نجحت في كسب حبه وهي ماهرة في تغذية هذا الحب، ولكن ماذا لو كان زوجها يجاملها وينوي أن يتخذ زوجة أخرى وهي لا تدري؟.

أضمرت في نفسها أمراً، فقط تريد أن تطمئن إلى مكانتها في قلب زوجها، باتت ليلتها تفكر، وتقدح ذهنها كيف السبيل إلى ما تريد؟ ما الحيلة التي توصلها إلى ما قد يخفيه زوجها؟.

فكرت طويلاً حتى إهتدت إلى فكرة أعجبتها ونالت رضاها.

وبعد غداء اليوم التالي قالت لزوجها متلطفة: الليلة هو موعد زواج إحدى قريبات صديقتي فلانة وقد دعتني لحضور الحفل، قاطعها قائلاً وهو يبتسم: وزوجتي العزيزة تود أن تحضر حفل قريبة صديقتها.

قالت: إذا سمح لي زوجي العزيز بذلك.

قال مداعباً: فإن لم يفعل؟

قالت وهي تتصنع العبوس: تغضب منه.

قال: وماذا يعني ذلك؟ هل ستمتنع عن إستقباله عند الباب مساءً؟

قالت: قد لا يصل الأمر إلى ذلك ولكنها قد تستقبله عابسة.

قال: لا يا سيدتي، إنه لعقاب لا يقوى زوجك على تحمله، فإذهبي حيث شئت، ولكن حافظي على إبتسامتك عند إستقباله.

ثم قال جاداً: هل تعلمين أن حسن لقائك وإبتسامتك عند الباب تذهب عني كل وصب ونصب لقيته في عملي طوال النهار؟ وكلما حزبني أمر تذكرت أني سأعود إلى عشي وتقابلني زوجتي بإبتسامة حية فأشعر بسعادة كتلك التي يحس بها مسافر في صحراء إذا بدت له واحة مخضرة.

أسعدها كلامه وأذهب عنها شيئاً مما تجد، عادت تقول: ستتكرم بإيصالي إذن إلى مقر الحفل؟ قال: أفعل إن شاء الله.. فمتى تكونين جاهزة؟ قالت: هل يناسبك بعد المغرب؟ قال: إتفقنا.

أثناء عودتها بصحبة زوجها من الحفل، سكتت فترة على غير عادتها، وتصنعت حالة إستغراب شديد، فقد حان وقت تنفيذ حيلتها، سألها زوجها كما توقعت، ماذا بك؟.

قالت: قد شاهدت الليلة أمراً عجبا، قال: وما ذاك؟ قالت: إن العروس ليست جميلة أبداً، أستغرب كيف خُطبت لزوجها وهي بهذا القبح؟!

قال: سبحان الله، استرسلت تقول في وجل كاد أن يفضح خطتها: إنها سمراء.

قال: وماذا في ذلك؟.

نظرت إليه من طرف خفي وهي تتابع: عيناها صغيرتان، وحولهما الكثير من الكلف، بدا عليه الضيق وهو يقول: لم أعهد هذا منك، لم تكوني تنتقصين الناس بهذه الطريقة من قبل.

قالت: إنه ليس كلامي وحدي.. كل النساء كن يتحدثن في الأمر، وتابعت تقول: أليس غريباً أن تكون هي بالوصف الذي ذكرت لك ويكون مع ذلك زوجها كما يقولون وسيماً جداً؟

قال وقد ازداد ضيقاً، إنها حكمة الله يا عزيزتي.

سكتت قليلاً عندما لاحظت ضيقه بحديثها، وما هي إلا لحظات حتى وصلا إلى منزلهما، عند مدخل البيت وقف قليلاً وهو يشير إلى البدر يتوسط السماء قائلاً: إنظري إلى البدر.

قالت: إنه جميل، قال: ومع ذلك ففي وجهه كلَف بيَّن، هل ترينه؟ قالت: هل تصدق؟ أنا لم أره قبل الآن.

قال: لأن نوره وجماله غطى على ما فيه من عيوب إن صحت تسميتها كذلك.

تابعت تقول وقد أصرت على تنفيذ الخطة حتى النهاية: لكن البدر ليس في أنفه خنس وخفضت صوتها وهي تلقي آخر ما في جعبتها: مثل تلك العروس.

وأخذت تنظر إليه في تخوف وقد إزداد ضيقاً، هل سيقول لها: انظري إلى وجهك أولاً ثم اذكري عيوب الآخرين؟ هل سيقول لها: احمدي الله أني ما زلت صابراً عليك حتى الآن؟ إنها تمسك قلبها بيدها، وهما يدخلان الصالة، إتخذ الزوج مكانه.

وقال: لا أدري فعلاً كيف تتحدثين بهذه الطريقة عن صديقتك.. أتمنى لو أني ما سمعت ذلك منك، ولكني أقول لك: اتقي الله يا زوجتي العزيزة في صديقتك، أخشى أن يعاقبك الله فيبتليك بمثل ما إبتلاها به.

الكاتب: منى محمد العمد.

المصدر: موقع ياله من دين.